أبريل 25, 2024

براكسيس رمادي

حيث الفكرة الحرة تقود التغيير

وقفة مع محمد العجمي

*حوار مع مجلة العربي الجديد

تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. “التطبيع تنكّر لأبسط ما يمكن للإنسان أن يتبناه وهو نصرة المظلوم” يقول الكاتب العماني في حديثه إلى “العربي الجديد“.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
– جملة تساؤلات عن الذي بقي للعربي الذي يريد أن يكون له موقف في كل الذي يجري. بطء ورتابة عجيبة لأبعد الحدود. كما لو أن الزمن نفسه يتمدّد ويترهّل على نحو قاتل. فكلما أردتَّ أن يكون لك موقف؛ تكتشف أن الحياة تقول لك: لا نحتاج منك مواقفك. لا أدري.. ولكن أظن فعلاً أن عصرنا انتهى؛ ويجب أن يأتي قوم آخرون يرثون هذه الأرض ومن عليها. بحسب نظرية دورة الحضارات الخلدونية. أبرز تجليات هذا الوضع المتردي الذهاب المجاني للتطبيع مع الكيان الصهيوني. التطبيع انحدار أخلاقي وضيع، وتنكّر غير طبيعي لأبسط قضية ممكن للإنسان أن يتبناها، وهي نصرة المظلوم. أن تطبّع بشكل مجاني مع كيان محتلّ طرد أصحاب الأرض وشرّدهم في الملاجئ، ويمارس أجندة معقّدة لإلغاء هوية شعب بأكمله؛ هوانٌ. فبعد كل الهزائم والفشل؛ لم تبق لديك سوى الكلمة. والآن حتى الكلمة تتنازل عنها. لقد هانت مطامحنا كما قال الجواهري.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
– صدر لي عملان؛ آخرهما “داخل العقل النقدي”، وكلاهما حول ما يمكن تسميته باجتماعيات النقد. العمل يحاول رسم إطار نظري للنقد اليومي؛ عبر ملاحقة مفهوم فلسفة اليومي في أكثر من نسق؛ اجتماعي وفلسفي ولغوي وسيكولوجي. لا أعرف ما العمل القادم. دائماً ما أتساءل: ما الذي بقي أيضاً للتفكير فيه؟ المؤكّد أن هناك الكثير جداً. تبقى محاولة عدم تكرار الأشياء القديمة.


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
– لا يوجد شيء كامل. حتى لو وُجد؛ ترويب القلق من وجود واستمرار النقص مفيد للحظة الكتابة القادمة. نفسها كاف الملكية في كلمة “إنتاجك” مزعجة. ماذا تعني؟ أنا أنكرها شخصياً. لا أريد نسبة هذا الإنتاج إلي! ربما لكيان مبهم يحاول أن يتحلل من عبْء الوجود في لحظة لم يُستشر فيها أبداً. البقاء خارج الإطار، أو حتى الادّعاء بالبقاء خارج الإطار. على اعتبار أنه لا وجود إلا داخل إطار، كما يقول الوردي.


■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
– المسار العسكري! تجربة أن تكون ذائباً تماماً داخل فكرة الدولة/المؤسسة. أو ربما مسار السلك العرفاني! تجربة أن تكون ذائباً تماماً في الولي/الشيخ/ القطب. شيء ما يلغي وجودك، أو يخفف من قبضتك على الوجود. وبالتالي تتحلل من عبء هذه الأنا الممتلئة بالمحتوى.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
– لا أريد ولا أنتظر شيئاً هنا. بالرغم من أنني مؤمن أنه لا بدّ من الأيديولوجيا والتي بدونها لن يكون هناك أي تغيير، ولكن لا أتخيّل لحظة أن أكون في فريق المهزومين المتذمّرين الساخطين على كلّ شيء. وإذا آمنّا مع ما يؤكّد عليه فلاسفة ما بعد الحداثة من انتهاء عصر التحوّلات الكبرى؛ فانتظار أن يتغيّر شيء ما هو حلم ساذج. ما يتبقى فقط هو أن أنظر إلى الداخل. داخل النفس. هذا الذي يمكن التفكير فيه من دون الوقوع في مشاريع الأيديولوجيا التي تتغذى عليها أجنحة السلطة المتصارعة والتي تتغذى على دماء المخدوعين.


■ شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟ 
– أبو نواس، الحسن بن هانئ، وهو يقول: قل لمن يبكي على رسم درس … واقفاً ما ضرّ لو كان جلس. لماذا يا أبا نواس؟


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
– أتحفّظ على تسمية الصديق، ولكن شيء ما يتكرّر في الحياة ولا تجد تفسيره إلا في الكتب المقدسة. أحبّ أن أعود إلى القرآن والأناجيل؛ والعهد القديم خصوصاً، بالإضافة إلى كتب الديانات الأخرى. من فترة لأخرى. أظنّ تفسير الكثير مما يحدث اليوم يتوزّع داخلها بشكل وآخر. ومع ثقلها الروحي في عالم يحاول أن يتجاوزها منذ قرون ولا يستطيع؛ ربما لأنّنا فعلاً لم نتجاوز عتبة الإنسان الحجري بعد. حتى مع كل هذه التقنية والمعرفة.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
– أغنية ميحد حمد؛ “يالكوس”. ربما لأني لا أفهم منها الكثير!


بطاقة 
كاتب وباحث عماني من مواليد عام 1977. صدر له إلى الآن عملان فكريان عن “دار سؤال”: “أوراق الوعي.. تأملات في الفكر والمجتمع” (2015)، و”داخل العقل النقدي – مساهمة في تأصيل النقد اليومي” (2019). كان من بين الموقعين مؤخراً على بيان المثقفين العُمانيين المستنكر لتطبيع الإمارات مع الكيان الصهيوني.

*نشر الحوار في مجلة العربي الجديد بتاريخ 18 أغسطس 2020

Visits: 1