أبريل 26, 2024

براكسيس رمادي

حيث الفكرة الحرة تقود التغيير

المجتمع المفتوح والثقافة

محمد العجمي*

يخصص كارل بوبر كتابه “المجتمع المفتوح وأعداؤه”[1] ليشن هجوما قاسيا على قادة الفكر العالمي من أصحاب النظرات الشمولية والتفسير التاريخي للإنسان، ويخص أفلاطون بمعظم هجومه. وما يحمله بوبر على أفلاطون ونظرائه هو رغبتهم في إخضاع الإنسان مطلقا للكليات التاريخية التي يتوصلون إليها، حيث يعرضون ما توصلوا إليه بصفته النموذج النهائي والوحيد للسعادة البشرية. وبتصنيف بوبر لتاريخ التطور الثقافي للإنسان إلى مرحلة قبَليّة هي مرحلة ما قبل الإغريق، والمرحلة الحضارية مع الإغريق؛ فإنه يعتبر (أي بوبر) أن فلسفة أفلاطون تمثل مرحلة النزعة القبلية، وأنها ردة فعل معاكسة على حالة المدنية الحضارية التي سادت مدن الإغريق. لهذا يعتبر بوبر تكرار هذه الفلسفة واستمرارها كارثة على الإنسانية.

في ظل هذا التنافس بين النزعة القبلية والنزعة الثقافية يعقد بوبر مقارنته بين ما يسميه بالمجتمع المغلق والمجتمع المفتوح. حيث تتسم المجتمعات المغلقة بروابطها العضوية القوية والتي تصنع اتساقا وحدويا شبيها جدا بمجتمع القبيلة الواحدة، ولأجل ذلك يجري تقديس عادات القبيلة ومحرماتها بشكل صارم، وهذا التقديس نابع من إكساب هذه العادات منابع سحرية لاعقلانية وقوى غيبية خارقة، وينتظم الولاء داخل المجتمع المغلق على السمع والطاعة العمياء للزعيم المقدس المدعوم من قبل هذه القوى السحرية. وأمام هذه الهالة الكبيرة لهذه العادات والمحرمات يتلاشى الحديث عن المسؤولية الشخصية والقرارات الفردية. فالصحيح محدد مسبقا وهو دائما مع المجموع الذي يحكمه هذا النظام القائم على القرابة والنسب والحياة بفعالياتها الاجتماعية المشتركة كالاحتفالات والأفراح والأتراح والأخطار[2].

يقرر بوبر أن المجتمع المغلق مجتمع قبَلي عضوي يشبه القطيع في أنه يربط بين أعضاءه بروابط عضوية بيولوجية قوية، وليس بروابط تقسيم العمل وتبادل السلع كما هو الحال في المجتمع المفتوح. وإن كان من الوارد أن يوجد صراع طبقي في المجتمع المفتوح نتيجة إمكان أن يكافح أعضاء المجتمع للصعود واحتلال مواقع آخرين، غير أن مثل هذا الكفاح غير وارد مطلقا في المجتمع المغلق نظرا لأن العبيد يظلوا عبيدا والأسياد أسيادا، فيندر أن يكون هناك صراع طبقات فيه. وإذا كان من الوارد بقوة أن أعضاء المجتمع المغلق يتعارفون بقوة والمعظم يعرف المعظم ويتزاورون كثيرا؛ فإن مثل هذه المعرفة تتلاشى في المجتمع المفتوح حيث يعيش الأغلبية في شبه عزلة لا يكاد يعرف الواحد منهم واحدا من كل ألف يقابلهم يوميا، ويسمي بوبر هكذا مجتمع بالمجتمع المجرد؛ أي المجتمع غير المتشخص، وهي الحالة القصوى التي يمكن أن يصل إليها الانفتاح داخل المجتمع.

لا ينكر بوبر التعاسة التي قد يعيشها الإنسان في المجتمع المجرد نظرا لوهن الهوية وضعف الانتماء، فالعلاقات الاجتماعية تشكل إشباعا لحاجات بيولوجية لا تنفصل عن الإنسان كالهوية والانتماء. والعزلة التي قد تأتي مع المجتمع المجرد تجلب معها التعاسة والفشل والانهيار الداخلي نتيجة عدم إشباع بعض الحاجات. ينفي بوبر وجود المجتمع المجرد تماما، فلا يمكن أن تصل حالة الانفتاح إلى هذا المجتمع، إذ يمكن لأفراد المجتمع المفتوح الدخول في علاقات اجتماعية من نوع جديد منفصل عن تلك العلاقات المرتبطة بالميلاد وبالتقارب العائلي، فتنشأ بذلك روابط روحية تستعيض عن الروابط البيولوجية القديمة. والثورة الكبرى التي ينسبها بوبر للإغريق القدامى هي الانتقال من المجتمع المغلق إلى المجتمع المفتوح.

وحملا على تحليلات بوبر؛ فنحن نجد أن مجتمعاتنا العربية أقرب لتكون مجتمعات مفتوحة حتى مع ترسخ الكثير من خصائص المجتمع المغلق فيها كالقبلية والطوائف وأنماط العلاقات القائمة على السمع والطاعة للزعيم الرمز الذي وإن كان لا يستمد أي قوى سحرية غير أنه هو الرمز الذي يجمع شتات المجتمع ويحدد حدوده. وإذا قسنا على فكرة بوبر عن الثورة والسيرورة باتجاه المجتمع المفتوح؛ فنحن سائرون سيرا حثيثا في اتجاه مزيد من تجريد العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع، والمزيد من ظهور أنماط من العلاقات غير قائمة على الأرض والنسب وإنما على العمل والتخصص والاهتمام المشترك وتبادل المصالح. وهذا الانتقال والتحول سيعني بالضرورة تفاقم مشكلات اجتماعية وصراع ربما هو مستمر منذ مراحل الاستقلال عن الاستعمار القديم، ولكن منذ 2011 ومع موجات الربيع العربي اتضحت هذه المشكلات أكثر، وهي مؤهلة للتصاعد؛ بين نزعة القبلية ونزعة الإنسانية داخل المجتمع، ويسعى هذا المقال لاستكشاف أي دور يمكن أن تلعبه الثقافة في امتصاص حدة هذا الصراع والتقليل من آثاره. ولكن من المهم قبل ذلك أن نتداول مفهوم الثقافة لتوضيح ما نقصده به، وأي تحديات تواجه الثقافة اليوم.

بالرغم من كثرة التعريفات لمفهوم الثقافة؛ منذ ظهوره في منتصف القرن الثامن عشر بفرنسا؛ إلا أن أحدا لم يخرج الثقافة من كونها المكون الروحي المعنوي في الإنسان، أي ذلك المكون الذي يجعل البشر متميزين عما سواهم من المخلوقات. وإذا كانت الثقافة هي ما تمنح الإنسان فردانيته وللجماعة خصوصيتها؛ فإن هذه الصفة تحديدا هي التي تجعل الثقافة قابلة للتداول والارتحال، بل والانكماش والتمدد. ذلك أن إدراك الفرد لما يمتلكه وإحساسه بالانتماء إلى فضاء مغلق يدفعه إلى التفاعل مع الآخرين مستفيدا من هذه الروح التي تجعله يرغب في أن يكون كونيا. فهو ينطلق من أرضه إلى الأراضي المجاورة لأنه يدرك أن لديه أرض. والثقافة بذلك هي ما يميز فرد عن فرد وجماعة عن أخرى.

الثقافة هي تحول الإنسان إلى رب على حد تعبير فرويد، وتستمد طاقتها من التسامي والتضحية بالغريزة والتحكم في دوافع العدوانية[3]. هذا الانتقال من مرحلة تاريخية معينة يسودها نمط علاقات بدائي قائم على التقارب البيولوجي والعضوية النفسية، إلى نمط علاقات يكون فيه تبادل المنفعة والمشاركة في الأفكار أكثر حضورا في تأسيس الروابط؛ يتحقق مع الرغبة الملحة لدى الإنسان في أن يحاكي إلهه في الخلق والإبداع، فما أن يعي الإنسان نفسه حتى يدرك أنه ليس مخلوقا عاديا، وأن هناك عظيما يعيش فيه ويوحي له بالأفكار والتصورات التي على أساسها ينضج تدريجيا، وينتج الإبداع الذي سنسميه لاحقا ثقافة. ولهذا يُعبر عن الثقافة بأنها روح المجتمع، لأن المجتمع لا يتحقق إلا بهذا الانتقال والمحاكاة للإله، والوعي الذاتي لجماعة معينة بصفتهم وحدة مستقلة يتحقق بالإدراك المستمر للحدود الفاصلة بينهم وبين الآخر، وبالإصرار على إعادة ترسيم هذه الحدود وتجديدها تبعا للمتغيرات في الداخل والخارج.

ومع إلتفات الجميع تقريبا إلى أن الثقافة هي روح المجتمع غير أن التفاوت نجده في مكونات هذه الروح، ولعل تعريف روبرت بيرستد هو الأسهل والأكثر اختصار وإيجازا لمكونات الثقافة إذ يعرف الثقافة بأنها “ذلك الكل المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه أو نقوم به أو نتملكه كأعضاء في المجتمع”[4]. ويوجز هذا التعريف مكونات الثقافة في ثلاثة عناصر كبرى هي الأفكار والممارسات والمنتجات، وهذا يعني أن الثقافة ليست فقط معاني ومجردات وقضايا لامادية؛ بل بالإضافة إلى ذلك فهي كذلك مادية، وترتسم حدود الجماعة بمكونات الثقافة المادية واللامادية في نفس الوقت، وهذه المكونات لا تنفصل عن بعضها البعض مطلقا، وإذا انفصلت فإن الجماعة ستؤول إلى الانهيار والتفكك قريبا.

تعوض الثقافة الفراغ الناتج من مقاومة الغريزة، فعندما يعيش الإنسان ضمن محيط وجماعة معينة فإنه سيضطر إلى التنازل عن جزء من رغباته وغرائزه لصالح الانضباط في سلك الجماعة، وهذا التسامي على الغريزة يتزامن مع انعجان الفرد في ثقافة محيطه، فهو يدرك من الوهلة الأولى أن إنسانيته تتحقق بهذه الثقافة، وحتى عندما ينفتح لاحقا على ثقافات أخرى؛ فإنه ينفتح انطلاقا من ثقافته الأولى. وتصبح القضية لديه؛ ليست عودة عن الحالة الثقافية إلى الحالة الغريزية؛ بل استبدال مكونات ثقافية بمكونات ثقافية أخرى. هذا لا يعني الانفصال التام بين الثقافة والغريزة، بل تتناوب المؤثرات وتتداخل لتصنع المشهد الداخلي في الفرد والمشهد الخارجي في المجتمع بين الحالة الغريزية والحالة الثقافية. فما تفعله الثقافة هو تهذيب الغريزة لا إلغاءها.

يتصل مفهوم الثقافة بمفهوم آخر لا يقل تعقيدا عن الثقافة، وهو مفهوم الحضارة. وقد ظل المفهومان وإلى عهد قريب متشابكين كما لو أنهما شيء واحد. انفصال الثقافة عن الحضارة كمصطلحات جاء مع التنوير الفرنسي بالدرجة الأولى وترسخت أكثر مع الثورة الفرنسية التي صنعت مرحلة تاريخية جديدة للمجتمع الفرنسي ومعه أوروبا بشكل عام، ويذكر آدم كوبر العام 1798 وهو الذي دخل فيه مصطلح الحضارة في قاموس الأكاديمية الفرنسية[5]. ويحدد كوبر من تتبعه لتطور هذا المصطلح مجموعة من المميزات التي تفرّق الحضارة عن الثقافة. فالحضارة تتسم أولا بالمنطقية في مقابل الجمالية بالثقافة، كما تتسم ثانيا بالمادية في مقابل الروحانية بالثقافة، وثالثا بالعمومية في مقابل خصوصية الثقافة، ورابعا بالتقدمية في مقابل المحافظة في الثقافة. وإذا كانت الثقافة تتصل بالفكر والدين والفنون والأدب فإن الحضارة تتصل بالعلم والتكنولوجيا والقانون والسياسة، لهذا فالثقافة هي روح المجتمع في مقابل الحضارة التي تمثل الأدوات والوسائل المحركة لعجلة النمو والرقي والتقدم. وفي الوقت الذي يمكن أن نتحدث عن موت الحضارة بسهولة، فإن موت الثقافة يعني موت الانسان.

هناك تجاذب داخلي في الإنسان نفسه بين رغبته في التقدم والرفاهية والمزيد من السيطرة وبين حاجته للهوية والانتماء الثابت، وينعكس هذا التجاذب على المجتمع الخارجي، فتصبح الحضارة أحد أهم المهددات التي تعمل على إضعاف الثقافة. ما تفعله الحضارة حسب آدم كوبر أنها تستنزف الروح الخلاقة بالمجتمع عبر التركيز على الجانب الاستهلاكي في الإنسان على حساب المكون الروحي الثقافي، كما تعمل الحضارة على إزالة الحدود بين المجتمع وبين الجماعات الأخرى فتنتقل البضائع والأفكار جاعلة هوية المجتمع الممثلة في ثقافته على المحك. تحدد الثقافة حدود المجتمع ومزاجه العام المنفصل عن باقي الجماعات، وهذه الثقافة تتقوى بالدوافع المعنوية لدى الناس ورغبتهم في البقاء والتمايز والإنجاز والانتصار لما يشكل هويتهم من لغة ودين وتاريخ وجغرافيا، وما تفعله الحضارة أنها تطالب الجماعة بتقديم تنازلات لصالح الاستفادة من منتجات وأفكار الأمم الأخرى.

في كتابهم “نظرية الثقافة” يركز مايكل تومبسون ورفيقاه على وصف الثقافة كنمط حياة كلي، ويتألف نمط الحياة من كل من التحيزات الثقافية والعلاقات الاجتماعية، والتغيّر الثقافي يتحدد لديهم بقابلية أنماط الحياة للاستمرار والنمو والتغير[6]، أي بمدى تفاعل التحيزات الثقافية والعلاقات الاجتماعية. وربطا بما ذكرته سابقا، فإن ما تفعله الحضارة أنها تسعى للارتقاء بأنماط الحياة لدى الناس، فهي تضغط لصالح التأثير على المعتقدات والقيم المشتركة بين جماعة وفي نفس الوقت لإعادة تحديد وتعريف الأسس التي يتم بناء العلاقات الاجتماعية عليها. الحضارة تخترق الثقافات وتطالبها بإعادة رسم حدودها وهذا ما يهدد الوظيفة الأساسية للثقافة كمعبرة لهوية المجتمع وجامعة لشتات الجماعة وحامية لها من الذوبان والتحلل.

إن الحضارة بطبيعتها تفرغ نفسها من الثقافة، وما لم يلتفت الإنسان إلى ذلك ويؤكد ويفرض ويحفز ثقافته فإن الحضارة الداعمة لها والمعبرة عن إرادتها ستتفرغ تدريجيا إلى أن تصبح حضارة قشرية فارغة ومجردة من الروح المحركة ومن ثم ستنهار شيئا فشيئا. تعمل الحضارة بمنتجاتها وأدواتها على سبيل المثال على ازدراء الموروث الروحي للمجتمع تحت عناوين كثيرة، فتارة بتجنيد أفكار تقصف في كل الاتجاهات، فتقصف اللغة والتاريخ والتقاليد والدين، وتارة بابتزاز هذا الموروث باسم الانفتاح وتبادل الثقافات والتجارة الحرة، وتارة بإغراق السوق بالبضائع. تتسم الحضارة بالعشوائية فهي قد تقتل نفسها بنفسها؛ وهنا يأتي الزخم الروحي الذي يجب أن توفره الثقافة للحضارة لتستمر. هذا التجاذب لن ينتهي، بل هو مستمر، وما موت حضارة أو ضعف ثقافة إلا نوع من انفصال العقد الجامع بين الحضارة والثقافة.

بقي أن أشير هنا إلى أن الحضارة عالمية الانتشار، وهي لا تخترق الثقافات لإدخال البضائع والمنتجات فقط؛ بل ولإدخال المفاهيم والأفكار والسلوكيات من الثقافات الأخرى، وهذا ما سيقودنا إلى مفهوم العولمة، فالعولمة وما توفره من تقارب زماني ومكاني بين البشر تتطلب إعادة النظر بشكل دائم في الخصوصية الثقافية، بحيث أن الحدود الثقافية التي ترسمها الجماعة لنفسها يجب التفكير فيها باستمرار تحت ضغط جاذبية مكونات ثقافية واردة تعبر عن تجارب بشر قابلة للاستنساخ في أي مكان على وجه الأرض. العولمة بطبيعتها ديالكتيكية ويجب نفي صفة المؤامرة فيها، فهي ليست أحادية الاتجاه كما يرى جون توملينسون[7]، فهناك حد أدنى من القابلية بالتأثر والتفاعل بين الثقافة المحلية مع الثقافة المعوْلَمة، بحيث يمكن لأفكار وممارسات ومنتجات من الثقافة المحلية أن تصبح عالمية تحت تأثير قابلية العولمة للأخذ والتصدير.

هذه العولمة تزيد القنوات وتمد الجسور وتختصر على المفاهيم والمنتجات والأفكار الوقت لتهاجر عبر الحدود. العولمة كذلك تتطلب تقليل في الاختلافات الثقافية بين الأمكنة، وهذا يعرف بفرضية المجانسة الثقافية[8]. تقليل الاختلاف الثقافي يخدم أغراض وظيفية تولدها العولمة، فتسهيل إجراءات وظيفية معينة بين دول العالم يتطلب اقتطاع أجزاء من المكان ليكون متقارب مع الثقافة العالمية كالمطارات والمزارات السياحية والفنادق الفخمة. فهذه الأماكن تكون أكثر مريحة مع عولمتها مقارنة بالشوارع والبيوت ودور العبادة والأسواق حيث يعيش الناس حياتهم العادية وخصوصيتهم الثقافية[9]. وهذه الأماكن العامة تمثل النظام الثقافي الحقيقي للوجود الإنساني والتي تحاول العولمة التأثير عليها لتكون متقاربة عالميا، إذ سيسهل ذلك تسويق المنتجات الصناعية والفكرية. العولمة تخلق ثقافة عالمية جديدة ستهدد الثقافات المحلية والمكونات الروحية بالمجتمعات.

التغير السياسي والثقافي تحت تأثير العولمة سيكون نتيجة طبيعية مصاحبة للانفتاح على العالم. العولمة مثلا تفرض على الدول إعادة تعريف نفسها لتكون أكثر عالمية، إذ يجب أن تقلل من حدية مفهوم الدولة القومية لتصبح أكثر ليونة وسيلانا بما يتوافق مع التوجه العالمي العام الذي تتحول فيه الدول إلى ورش عمل عالمية ومنافذ بيع وتسويق للشرق والغرب. تحت تأثير هذا الضغط الصريح والضمني؛ يجري استبدال الاقتصاد المحلي بالاقتصاديات الإقليمية، والثقافة المحلية بالثقافة العالمية، والمواطنة القومية بالمواطنة العالمية، وفي نفس الوقت؛ يُظهر كل جيل انفتاحا أكثر على العالم ويكون أكثر استفسارا ورغبة في كسر القوالب، وأضعف في تقبل أنماط حياة الجيل السابق عن السلطة والالتزام.

أمام كل هذه المتغيرات يمكن أن نلاحظ أن خيار المجتمع المفتوح والمجتمع المغلق الذي تحدث عنها كارل بوبر ليس متاحا ليختار الناس أحدها، بل إن الحضارة الحالية بأداتها الضخمة؛ العولمة؛ تفرض على المجتمع أن يكون مفتوحا فهذا سيكون الخيار الطبيعي للإنسان بميوله الفطري للانتشار والتمدد، ولكن هذا الميول مقيد بحاجة الإنسان للثبات في ثقافته. هذا يجعل الصراع الداخلي محتدما وخصوصا مع ضعف الثقافة المحلية الذي سيتبعه تلقائيا ضعف في الهوية والانتماء ما يجعل الانسان أكثر استعدادا لممارسة العنف. ما تفعله الثقافة أنها تجعل الإنسان يقف في منطقة ما وراء الخير والشر؛ لا ينشغل كثيرا بتصنيف الخير أو الشر، وإنما يتمركز عند الدوافع المحركة باحثا هناك عن فكرة أو فعل أو منتج تحقق له وجوده. وهكذا لا يكون للحقد والحقد المضاد فعالية في التعامل مع الآخر.

لا أقصد بالثقافة المحلية أنها مكون منفصل تختلف درجة حضوره تبعا للظروف؛ وإنما ثقافة الأفراد المتصلة بالمكان الذي يعيشون فيه في مقابل الثقافات المتصلة بأمكنة أخرى. وهذه الثقافة هي كل ما يحيط بالإنسان ويعيشه، وضعفها يعني عدم قدرتها على المنافسة وذوبانها في الثقافة الكونية. قد يحسن البعض استبدال مكونات ثقافته المحلية بمكونات ثقافية كونية، وهكذا لا يشعر بالفقد والخلل في الهوية مع اكتسابه المزيد من مقومات الهوية العالمية، فهو قادر على عقد مصالحة بين هويته الحلية وهويته العالمية. وهذا ما لا يستطيع فعله الأغلب، فإذا ما خسروا بعض مقومات هويتهم فإنهم يستعيضون عنها إما بالعنف والاعتداء أو بإعادة تعريف الأخلاق لصالح المزيد من تحقيق الغريزة. وهنا أطرح سؤالا في غاية الأهمية: ما الذي يصنع هذا الفرق؟ لماذا يلجأ المعظم إلى التعويض بالعنف عن الهوية المهزوزة بينما ينجح البعض في تعويض ثقافتهم المحلية بمكونات عالمية بسهولة ويسر؟ ويمكن صياغة السؤال بشكل مختلف: كيف يمكن التغلب على ضعف الثقافة في المجتمع المفتوح؟

إن الإجابة على هذا السؤال سيكون عبر الثقافة نفسها. الثقافة هي التي تصنع الفرق. انتشار العنف والفساد في المجتمع يعود إلى الثقافة، الثقافة هي التي تضعف الهوية وهي التي تعوض الهوية. إن انتقال المجتمع من مرحلة القبلية والانغلاق إلى مرحلة الانفتاح تحت ضغط مادية الحضارة التي تدخل إلى المجتمع لتقلبه رأسا على عقب؛ هذا الانتقال يصنع فراغا هائلا في المجتمع نتيجة ضعف الانسجام بين الأفكار والممارسات من جهة وبين المنتجات والبضائع من جهة أخرى. فالجزء المادي يأتي منفصلا عن الروح العامة التي أنتجته، ومتجردا تماما من التاريخ الطويل من التحسينات والتنافس والظروف البشرية التي جعلته يصل إلى هذا المستوى، وهكذا يدخل إلى المجتمع بصفته خامة مادية خالية من أية خصائص ثقافية إلا ما ندر.

يبدأ أفراد المجتمع تدريجيا في الانفصال عن المكونات المادية لثقافتهم المحلية تحت تأثير المنتجات الجديدة التي هي أكثر إشباعا وتلبية للاحتياجات، في نفس الوقت الذي تظل الأفكار والممارسات كمكونات معنوية روحية في الثقافة كما هي، ومن هنا يحصل الفراغ الذي سيتجلى في صور كثيرة. ليست وحدها المنتجات المادية الوافدة ما يصنع هذا الفراغ؛ بل حتى المنتجات الفكرية كأنظمة الإدارة والقياس ومناهج البحث والتشريعات، كل هذه المنتجات التي ستكون جديدة تماما على المجتمع والذي سيبدأ في تطبيقها كما هي أو مع قليل من التكييف بدون أن يكون هناك تأصيل وتصعيد من الثقافة المحلية إلى مستوى هذه المنتجات. بمعنى أن الثقافة المحلية ستظل تعيش حالة الصدمة أمام هذا الوافد الذي ولد في بيئة وفي ثقافة أخرى ومر بمراحل طويلة ليصل إلينا في هذه الصورة، وكل هذه المراحل والعناء المصاحب للإنتاج لا يصل إلينا، ولا يجري استيعابه في الثقافة المحلية.

يتفاعل الأفراد مع المنتجات الجديدة بطرق وأساليب كثيرة، فالبعض سيتساءل وسيحاول أن يستكشف الدوافع الأولى التي أنتجت هذه المنتجات، ماذا كان يفعل جوتنبرغ عندما اخترع الآلة الطابعة؟ كيف ولدت فكرة دمج المحرك البخاري القديم مع عربة الحصان لصناعة السيارة؟ كيف تطورت فكرة السوبرمان في الغرب؟ أية ثقافة أنتجت عروض الأزياء الأولى أو مسابقة ملكة جمال العالم؟ ما يفعله الفرد وهو يتساءل أنه يحاول أن يقف في منطقة الثقافة التي صنعت الحضارة، وليس فقط في منطقة الحضارة التي تحاول أن تؤثر على ثقافته المحلية. هناك آخرون سيتفاعلون إيجابيا مع هذه المنتجات مباشرة في حياتهم اليومية دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتفكير في المبررات والدوافع والحاجات الأولى التي أوصلت إليها، وهؤلاء سيكونون أقل قدرة على التوفيق بين ثقافتهم المحلية السائدة وبين المنتجات الجديدة والأفكار الوافدة. وبين أولئك وهؤلاء نجد جماعة أخرى ترفض استخدام هذا الجديد مطلقا وتعتبره دخيلا ومهددا للثقافة المحلية وتدخل في صراع مع الحضارة انطلاقا من الزخم الروحي التي تستمده من ثقافتها.

إن الخطورة في الهوية العالمية تكمن في الاستجابة للحضارة على حساب الثقافة، فقد يشعر أو لا يشعر الفرد بالغربة الشديدة عندما ينتقل إلى مجتمعات أخرى بسبب قوة أو ضعف الهوية العالمية لديه، ولكن اهتزاز انتماءه لثقافته أو انغلاقه فيها هو الذي سيحدد إلى أي مدى سيكون منتجا أو متفاعلا مع الظواهر السلبية الناجمة من ذلك. فمثلا قد نجد شبابا يقلّدون بشكل واضح وحرفي سلوكيات وافدة على المجتمع في مقابل آخرين يهاجمون هؤلاء الشباب بقسوة بدعوى انسلاخهم من ثقافتهم وتقليدهم اللامسؤول للوافد الغريب على ثقافة المجتمع. وأمام هذا التباين الشديد يولد العنف كمستنقع يرمي فيه النظام القائم فضلاته وأخطاءه ليستمر.

العنف يولد إما كردة فعل على التهديدات التي تطال الانتماء والهوية أو كردة فعل على عدم القدرة على التقدم وتحقيق الذات، ويكاد العنف يكون سمة طبيعية في المجتمع المفتوح بسبب هذا التفاوت الشديد بين الثابت والمتغير في المجتمع. غير أن إغفاله وتجاهله قد يجعله يتفاقم للحد الذي يصبح المجتمع نفسه مهدد بالانهيار والشقاء الطويل. وهنا تدخل الثقافة كعامل أساسي وربما الوحيد لضبط هذا العنف عند حدوده الطبيعية، فالثقافة لا يمكن لها أن تلغي العنف نهائيا. وما يجب التأكيد عليه هنا أن العنف نفسه يمتلك ثقافته الخاصة به والتي يروّج لها، ويمكن اختبار ذلك بسهولة في النظرة السائدة في المجتمع للشخص الفاسد مثلا كشخص ذكي وناجح، أو النظرة للديكتاتور والطاغية بصفته إنسان داهية، ولكن يمكن فهم هذه الثقافة باعتبارها نمط حياة لمجموعة من البشر يستمدونه من مجموعة من المعتقدات والقيم والاتجاهات التي أساسا ولدت وأصبحت لها قبول ورواج بسبب ضعف الثقافة الأصلية أمام الوافد.

تصاب المؤسسات الثقافية في المجتمع بالشلل أمام قوة الثقافة الوافدة وامام العنف والفساد الذي سيستشري بسبب ذلك، وهذا الشلل الثقافي يتجلى وضوحا في تدني مستوى الإنتاج الثقافي واعتماده كليا على الدعم الحكومي والذي سيكون بطبيعته دعما أحاديا يخضع لحسابات الأحزاب السياسية والتصارع على السلطة، كما يتجلى الشلل الثقافي أيضا في صعود ما يعرف في الأدبيات الاجتماعية بالثقافة الجماهيرية الاستهلاكية على حساب الأعمال المميزة والفولكلورية التي تعبر فعلا عن هوية الجماعة، ومنها الأفلام التجارية والموسيقى الهابطة وفن التحطيم وثقافة الخروج على المألوف. إن تدني الذائقة الثقافية هو أحد نتائج الحضارة المادية التي جاءت بزخم هائل من التكنولوجيا أكثر بكثير من الحاجات الفعلية الطبيعية للناس؛ صانعة الإنسان ذو البعد الواحد على حد تعبير هربرت ماركوزه[10]. تعتمد الثقافة الجماهيرية نمط الإنتاج الكثيف وإرضاء الأذواق السخيفة لزيادة الدخل والنقود وتحويل الثقافة العامة في المجتمع إلى ثقافة نمطية واحدة[11].

لا يمكن اعتبار الثقافة الجماهيرية سيئة بالمطلق، ففي مرحلة حضارية معينة سيكون لها دور مهم في لفت انتباه المجموع إلى قضايا معينة وتعميم أفكار معينة بشكل أسرع، ولكنها لا تستطيع أن تعالج مشاكل الهوية والانفتاح بالمجتمع، بل هي نفسها تتحول إلى مشكلة اجتماعية يجب الإلتفات إليها. فأمام التحديات الكثيرة القادمة من صراع الهوية تبرز الأهمية الكبيرة للثقافة العامة الطبيعية والمعبرة عن روح الجماعة ورغبتها في التمدد والانتشار، حيث يجب أن تلعب دورها في تحقيق الإشباع الروحي للإنسان كونه كائنا يحمل بعدا ميتافيزيقيا أكثر عمقا من مجرد المادة. انتشار الثقافة العليا النخبوية في المجتمع وتداولها يشكل رصيدا يعالج بديناميكية خفية الكثير من مشكلات المجتمع المزمنة. الفساد مثلا يمكن علاجه مباشرة عبر التشريعات والقوانين والأنظمة العقابية والتحفيزية، وكذلك يمكن معالجته عبر انتشار الثقافة وتجذرها داخل المجتمع. هذا يشمل الفن التشكيلي والسينما والنحت والشعر والرواية والقصة والموسيقى والمسرح كأشكال ثقافية تعبر عن أنماط الحياة لدى الأفراد. ما تفعله الثقافة أنها ترتقي بذائقة الناس وتهذب سلوكهم بتحفيز وإيقاظ المشاعر النبيلة تجاه الحياة.

تعميم كل هذه الأشكال وانتشارها يسهم بشكل كبير في تثقيف الذاكرة الجمعية المعبرة بالمجتمع، هذه الذاكرة المتجذرة في أعماق الأفراد وتنتقل بالتنشئة من جيل إلى جيل دون تغيير ممثلة الهوية العميقة للمجتمع[12]. تمثل الذاكرة الجمعية المكون الثابت المعبر عن روح المجتمع العامة التي تحقق الهوية وتعطي الإنسان معناه، وهذه الذاكرة الغائرة تظل صامتة مالم يتم استنطاقها عبر الثقافة التي تضيف إلى حياة الأفراد حضورا ماديا لذاكرتهم الجمعية، ما يجعل هذه الهوية أكثر قدرة على التفاعل مع المكونات المادية الوافدة. إن الذاكرة الجمعية هي المكون اللاواعي في الهوية، والثقافة هي التي تجعله مكونا واعيا، ومع وعي الأفراد بعمقهم وجذورهم الضاربة في القدم يكتسب المجتمع قوة روحية تجعلهم يتفاعلون مع الثقافات الأخرى من موقع القوة والثبات. الثقافة تجعل الهوية أكثر وضوحا وتجليا.

وبالإضافة إلى استدعاء الذاكرة الجمعية؛ تقوم الثقافة أيضا بوظيفة أخرى وهي تحفيز الشك المنهجي في هذه الذاكرة. إذ أن الوثوقية التي تملأ هذه الذاكرة تجعل من عملية استدعاءها عملية شكلية وقشرية لا تحقق لها ذلك الحضور والرواج في الحياة المادية اليومية. الشك المنهجي يحفز الإنسان لأن يكون متسائلا حول هويته، وأكثر قدرة على التوفيق بين الثبات والتغير في هويته. الشك المنهجي يعتمد على طرح سؤال قابل للقياس والملاحظة، ومن ثم وضع الفرضيات وتصميم الأدوات التي عن طريقها يمكن اختبار وتجربة هذه الفرضيات وصولا إلى مقاربات أكثر واقعية للأسئلة. ارتباط الإنسان بذاكرته هنا سيكون ارتباطا منطقيا وعقلانيا وسيكون أقدر على أن يدفع بها بقوة في الحضارة. سيتجاوز المجتمع طوباويته ومثاليته الزائفة التي تجعل وعيه منغمسا في الماضي، وبهذا تلعب الثقافة دور ذلك الذي يلفت انتباه الإنسان إلى جذوره؛ وفي نفس الوقت يحفزه على استخراج هذه الجذور عبر الأسئلة التي ستتحول في المستقبل إلى برامج وفعاليات ومشاريع ثقافية في نفس الوقت.

إن النزعة الإنسانية التي تؤكدها الثقافة وتعززها في مقابل النزعة الغريزية، تجعل أفراد المجتمع أكثر قدرة على الالتفات إلى أن أغلب مشكلاتهم هي مما يمكن تجاوزها وتقليل آثارها عبر تهذيب الغريزة بالثقافة. يمكن إلى حد كبير اعتبار الفساد والعنف والتمرد على النظام والقانون أشكالا لتفوق الغريزة على الثقافة، وإذا كان المجتمع المغلق يعالج ذلك عن طريق كبت الغريزة وقهرها؛ فإن المجتمع المفتوح يعالجها بالثقافة؛ بإنتاج وتعميم أشكال ثقافية إبداعية. في كتابه الجهل المقدس زمن دين بلا ثقافة، يؤكد أوليفييه روا على الدور الذي يؤديه إفراغ الدين من الثقافة في صناعة التعصب والعنف. الأمر نفسه يمكن قياسه على الحياة الاجتماعية والسياسية؛ فالثقافة تعمل على إضافة الروح الرطبة الندية المفعمة بالجمال والحيوية على المكونات المادية والمنطقية في الدين والمجتمع والدولة. الثقافة في الوقت التي يجب فيه أن تسلب صفة السحر والغيبية عن العادات والقوانين واللغة وتعمق بشريتها؛ فإنها يجب أيضا أن تسحب صفة الصنمية عن الحكمة القديمة ويجب أن تعمق صفة النقد فيها.

بقي أن أشير أخيرا إلى أنه لما كانت الثقافة متعلقة بالدرجة الأولى بمساحة الحريات المتاحة والمتبادلة ضمن النسيج الاجتماعي؛ فإن مجمل النظام السياسي بالمجتمع يؤثر بشكل كبير جدا في معالجة أو استفحال الظواهر السلبية التي تقلل من فعالية المجتمع حضاريا. إن أي معرفة جديدة تتطلب حرية حقيقية داخل النظام لتنمو وتترعرع فيه. تنزع السياسة نحو التوحيد والتسلط والمحافظة، بينما تنزع الثقافة نحو الحرية والانطلاق والتعدد والاعتداد بالفردية، وهذا يجعل النظام السياسي عاملا خطيرا جدا ومؤثرا في تأدية الثقافة لوظائفها وتوقعات المجتمع الباحث عن الثبات في عالم متغير. فإذا لم توفر السياسة أجواء الحرية الإيجابية في النسيج الاجتماعي فإن الثقافة ستكون إما مشوهة ومزيفة ونمطية أو عامل من عوامل السيطرة على المجموع، وفي الحالتين سيظل المجتمع في حالة ركود وسبات حضاري منغلقا على نفسه ويعيش الصدمات باستمرار بسبب تدني مستوى التفاعل مع الجو المحيط والذي بلا شك سيرفع من سقف قدرته على رسم التوقعات والتنبؤات لاستباق المستقبل والتخطيط له.

—————

الهوامش:

*نشرت هذه المقالة للمرة الأولى في أغسطس 2014 بموقع مجلة ابن خلدون للفلسفة والثقافة والأدب

[1]  يعود الكتاب إلى فترة الحرب العالمية الثانية، وترجمه للعربية د. السيد نفادي وطبعته دار التنوير في 1998

[2]  بوبر، المجتمع المفتوح وأعداؤه ص 171

[3]  الثقافة.. التفسير الأنثروبولوجي – آدم كوبر. سلسلة عالم المعرفة (مارس 2008)

[4]  نظرية الثقافة – مجموعة مؤلفين. سلسلة عالم المعرفة (يوليو 1997) – ترجمة د. سيد علي الصاوي، مراجعة د. الفاروق زكي يونس

[5]  آدم كوبر – الثقافة.. التفسير الأنثروبولوجي ص 7

[6]  يشير مصطلح التحيز الثقافي Cultural bias إلى المعتقدات والقيم المشتركة – نظرية الثقافة ص30

[7]  جون توملينسون – العولمة والثقافة ص41

[8]  “تطرح فرضية المجانسة الثقافية Cultural homogenization العولمة باعتبارها متزامنة مع متطلبات ثقافة استهلاكية موحّدة، مما يجعل كل الأمكنة تبدو متشابهة تقريبا.” جون توميلينسون

[9]  السابق ص18

[10]  لدى هربرت مركوزه كتاب تحت هذا العنوان “الإنسان ذو البعد الواحد” يسلط فيه الضوء على السلطة التي يكتسبها المجموع جراء الإنتاج المادي الضخم على الفرد صانعة من ذلك نموذجا سياسيا أحاديا يكون النظام والمعارضة فيه وجهان لعملة واحدة هي تفوق المادة على الإنسان.

[11]  سوسيولوجيا الثقافة والهوية – هارلمبس وهولومون – ترجمة حاتم حميد محسن. ص50 

[12]  نظرية الذاكرة الجمعية طورها الفيلسوف الفرنسي هالبفاكس المقتول في معسكرات النازية في 1945. الموسوعة العربية

Visits: 13